أهم العناوين

شرح الشاطبية (باب البسملة)


شرح الشاطبية (باب البسملة)


(باب البسملة)

البسملة: هي مصدر مولد من بسمل إذا قال بسم الله ومثله حوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولفظها بسم الله الرحمن الرحيم ، واللفظ بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة على خلاف بين القراء في هذا ، وهي جزء من آية في سورة النمل بلا خلاف ، ومواضع الإتيان بالبسملة هي ثلاثة مواضع.

الموضع الأول: عند البدء في القراءة من أول السورة وهنا لا خلاف بين القراء في الإتيان بالبسملة في كل القرءان ما عدا سورة براءة فالجميع متفقون على عدم البسملة أول براءة.

الموضع الثاني: عند البدء في القراءة من وسط السورة وهنا القارئ مخير بين البسملة وعدمها لجميع القراء.

الموضع الثالث: هو حال الانتهاء من سورة والبدء بالسورة التي تليها من غير وقف ، وهو موضوع الباب وهنا يختلف القراء في الإتيان بالبسملة من عدمه عند وصل السورة الأولى بالسورة التي تليها في ترتيب المصحف من غير وقف، وهم في هذا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام.

القسم الأول: قراء لهم البسملة بين السورتين قولا واحدا

وبسمل بين السورتين بسنة***رجال نموها درية وتحملا

يعني أن قالون والكسائي وعاصم وابن كثير يقرؤون بالبسملة بين السورتين حال الوصل بينهما ، والبسملة بين السورتين ثابتة لهم في جميع الحالات سواءً مع قطع الجميع أو وصل الجميع أو قطع آخر السورة الأولى ووصل البسملة بالسورة الثانية.

القسم الثاني: قراء لهم الوصل بين السورتين من غير بسملة

ووصلك بين السورتين فصاحة

الفاء من فصاحة رمز لحمزة ، والمعنى أن حمزة إذا قرأ موصلا بين السور فلن يبسمل بل يصل السورة الأولى بالتي تليها بدون بسملة في كل القرآن ، وهناك حالات يبسمل فيها حمزة بين السورتين وهذه الحالات هي:

1-عند قراءة سورة الفاتحة

2-عند الفراغ من سورة الناس وقراءة الفاتحة بعدها

3-إذا قطع الصوت آخر السورة وأراد قراءة السورة التي تليها

4-إذا انتهى من سورة وأراد قراءة سورة قبلها في ترتيب المصحف ، مثل أن ينتهي من سورة الكهف ويبدأ بسورة النحل

5-إذا انتهى من قراءة سورة وأعادها من أولها ، كأن يكرر سورة الإخلاص مثلا

القسم الثالث: قراء لهم الوصل والسكت والبسملة

السكت: هو قطع الصوت على حرف قرآني زمناً يسيراً بنية استئناف القراءة مرة أخرى من غير تنفس.

وصل واسكتن كل جلاياه حصلا

فوائد الوصل بين السورتين من غير بسملة:

1-معرفة علامات الإعراب في نهايات السور القرآنية

2-معرفة همزة الوصل من همزة القطع مثل: (إن ربهم بهم يومئذ لخبيرٌ * القارعة) (واسجد واقترب * إنا أنزلناه في ليلة القدر)

3-معرفة ما يسكت عليه خلف حال الوصل مثل: (واسجد واقترب * إنا أنزلناه) (وأما بنعمة ربك فحدث * ألم نشرح) (نار حاميةٌ * ألهاكم التكاثر).

كل (الكاف رمز ابن عامر) جلاياه (الجيم رمز ورش) حصلا (الحاء رمز أبي عمرو) والمعنى أن هؤلاء القراء لهم الوصل بين السورتين من غير بسملة مثل حمزة ولهم وجه آخر وهو السكت بلا بسملة ، وقوله واسكتن بنون التوكيد فيه إشارة إلى أن السكت هو الوجه المقدم لهم.

ولا نص كلا حب وجه ذكرته***وفيها خلاف جيده واضح الطلا

يعني أن السكت والوصل في البيت السابق لهؤلاء القراء الثلاثة ليس فيه نص عنهم ولكنه استحباب من أهل الأداء المتأخرين استحبوه لهم ، هذا على اعتبار أن البيت ليس فيه رمز وهو الصحيح ، وعلى اعتبار أن في البيت رمز يكون معناه أن ابن عامر و أبا عمرو لهم الوصل والسكت فقط من غير بسملة.

وفيها خلاف جيده واضح الطلا

قوله (فيها) الضمير هنا يعود على البسملة فإذا قلنا بأن البيت ليس فيه رمز فهذا يعني أن البسملة هي الوجه الثالث لورش و أبي عمرو و ابن عامر استحبابا وإذا اعتمدنا رمز الجيم من (جيده) فهذا يعني أن لورش الأوجه الثلاثة الوصل والسكت والبسملة ولأبي عمرو و ابن عامر وجهان فقط هما الوصل والسكت دون البسملة ، وهذا ما نص عليه الداني في كتاب التيسير.

الخلاصة: أنه مع اعتبار الرموز في البيت فإن لأبي عمرو وابن عامر الوصل والسكت بين السورتين دون البسملة ، ولورش الأوجه الثلاثة الوصل والسكت والبسملة نصاً ، ومع عدم اعتبار الرموز فإن لهؤلاء القراء الثلاثة الأوجه الثلاثة الوصل والسكت والبسملة على وجه الاستحباب لا النص.

وخلاصة ما تقدم:

أن قالون وابن كثير وعاصم والكسائي لهم البسملة وصلا بين السورتين قولا واحدا ، وحمزة له الوصل بين السورتين بلا بسملة قولا واحدا ، ولورش وأبا عمرو وابن عامر الأوجه الثلاثة الوصل والسكت بلا بسملة ، ولهم الوصل مع البسملة ، والسكت هو الوجه المفضل لهم.

وسكتهم المختار دون تنفس

هذا هو الدليل الثاني على أن السكت هو الوجه المقدم أداءً لورش وأبي عمرو وابن عامر في الوصل بين السورتين.

وبعضهم في الأربع الزهر بسملا ***

الأربع الزهر هي (سورة القيامة ، وسورة البلد ، وسورة المطففين ، وسورة الهمزة) ويمكن جمعها بقولك (ويل وويل ولا ولا) وقوله الزهر كناية عن شهرتها ووضوحها لذلك لا يحتاج إلى ذكرها.

قوله (وبعضهم) تعود على الذين مذهبهم السكت وهم (ورش ، وأبا عمرو ، وابن عامر) والمعنى أنهم عند الأربع الزهر يأتون بالبسملة عند وصل بداية هذه السور بما قبلها لشناعة الوصل.

مثلا: (هو أهل التقوى وأهل المغفرة) ويبسمل ويصلها بـ (لا أقسم بيوم القيامة) أو (وادخلي جنتي) ويبسمل ويصلها بـ (لا أقسم بهذا البلد) أو (والأمر يومئذ لله) ويبسمل ويصلها بـ (ويل للمطففين) أو (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ويبسمل ويصلها بـ (ويل لكل همزة لمزة).

لهم دون نص

يعني أن هذا الانتقال من السكت إلى البسملة ليس فيه نص عنهم بل هو من باب الاستحباب من بعض أهل الاداء والصحيح أن هذا غير معمول به وهو مردود قال الداني لا آمر به ولا أنهى عنه.

وهو فيهن ساكت***لحمزة فافهمه وليس مخذلا

يعني إن الذين يقرؤون بوجه الوصل وهم (ورش وأبا عمرو وابن عامر وحمزة) ينتقلون في الأربع الزهر من الوصل إلى السكت وذكر حمزة هنا وحده لأنه العمدة في الوصل بين السور بلا بسملة ، وهذا كله اجتهاد من بعض أهل الأداء وليس فيه نص عنهم والعلة عندهم في هذا الانتقال هو شناعة الوصل ويرى بعض المشايخ عدم حجية هذا الانتقال لأن هناك مثله في القرآن عند الوصل بين الآيات ، مثل قوله تعالى (وهو العلي العظيم * لا إكراه في الدين) وبالتحقيق يتضح أنه لا فرق بين الأربع الزهر وبين غيرها من السور عند وصلها بما بعدها.

ومهما تصلها أو بدأت براءة *** لتنزيلها بالسيف لست مبسملا

يعني أنه لا بسملة في بداية سورة براءة ولا في وصلها بما قبلها وهذا متفق عليه بين جميع القراء ، وعلة عدم البسملة لأن البسملة فيها رحمة وأمان والسورة نزلت بالسيف وفضح المنافقين وتعريتهم وقيل بأنها تكملة لسورة الأنفال ، لكن الرواية والنقل هو الأصل في ترك البسملة أول سورة براءة ، وأوجه الوصل بين سورتي الأنفال وبراءة ثلاثة (الوصل ، والسكت ، والقطع بلا بسملة) لجميع القراء.

ولا بد منها في ابتدائك سورة ***سواها وفي الأجزاء خير من تلا

يعني أنه إذا كانت القراءة من أول السورة فلا بد من الإتيان بالبسملة في أول القراءة في أي سورة ماعدا سورة (التوبة) وهي واجبة في الفاتحة وسنة مؤكدة في غيرها.

وفي الأجزاء خير من تلا

يعني أن القارئ مخير في الإتيان بالبسملة من عدمه عند القراءة من أواسط السور بما في ذلك سورة براءة وقال بعض العلماء أن وسط براءة مثل أولها ليس فيه بسملة مع مراعاة المعنى عند الابتداء ، ووسط السورة هو من الآية الثانية فصاعدا وليس المقصود به وسط السورة تحديدا أو بداية الأجزاء والأحزاب.

ومها تصلها مع أواخر سورة*** فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا

يعني إذا وصلت آخر السورة السابقة بالبسملة بأول السورة التي تليها فلا تقف على البسملة والعلة في ذلك حتى لا يشعر السامع بأن البسملة جزء من السورة السابقة.

أوجه الوصل بين السورتين:

للوصل بين السورتين أربعة أوجه ، ثلاثة منها جائزة ووجه ممتنع

والأوجه الجائزة هي:

1-وصل آخر السورة الأولى بالبسملة بأول السورة الثانية (وصل الجميع)

2-قطع آخر السورة الأولى عن البسملة في السورة الثانية وقطع البسملة عن بداية السورة الثانية (قطع الجميع)

3-قطع آخر السورة الأولى عن البسملة ووصل البسملة بأول السورة التالية

والوجه الممتنع هو: وصل آخر السورة الأولى بالبسملة وقطع البسملة عن أول السورة التالية.

تنبيه: إذا وقف ورش على كلمة (وعيد) في آخر سورة (ق) وهو يقرأ بوجه السكت بين السور وصلا فلا يثبت الياء الزائدة إذا وصلها بالسورة التي تليها لأن السكت له حكم الوقف ، وفقاً للقاعدة (والسكت كالوقف لكل قد نقل ** حتما وإن ترم فمثل ما تصل).

 

(تحميل شرح باب البسملة PDF)

(تحميل شرح أصول الشاطبية والدرة المضية مفهرس PDF)


حقوق الطبع والنشر متاحة لكل مسلم

(تحميل ملخص شرح أصول الشاطبية مع ملحق للتحريرات)

لتحميل الملف انقر هنا

(تحميل ملخص شرح أصول الدرة المضية)

لتحميل الملف انقر هنا

(تحميل ملخص شرح منظومة تلخيص صريح النص)

(تحميل ملف تحريرات الشاطبية)

وهيب الحاشدي
بواسطة : وهيب الحاشدي



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-